تحليل أزمات الاقتصاد الحديث وفق نظرية مينسكي

Summary Date:

3 min read

Summary

تحليل أزمات الاقتصاد الحديث وفق نظرية مينسكي

مقدمة

في 24 أكتوبر 1996 توفي الاقتصادي الأمريكي هايمن مينسكي في هدوء مستشفى بنيويورك. رغم إهمال نظريته في السبعينات، عادت كلماته لتصبح مرآة لأحداث 2008 وما تلاها من أزمات متتالية.

نظرية مينسكي للعدم الاستقرار

  • الاستقرار يولد عدم الاستقرار: عندما يطول الهدوء الاقتصادي يزداد التهور في الأسواق والمؤسسات.
  • دورة الائتمان: يبدأ الائتمان المتاح بتمويل مشاريع قوية، ثم ينتقل إلى تمويل مخاطر أعلى حتى تنفجر الفقاعات.
  • تحذير مينسكي: ما يُظهره السوق من استقرار هو مجرد هدوء قبل العاصفة.

الانعكاس في أزمة 2008

  • بعد وفاة مينسكي بـ12 سنة، حدثت الأزمة المالية العالمية التي أكدت صحة توقعاته.
  • مجلة Wall Street Journal أعادت نشر تحذيره في زمن الاضطراب، مؤكدة أن ما حدث في 2008 كان متوقعاً منذ سبعينياته.

المؤشرات الحالية (2009‑2025)

1. منحنى العائد المقلوب

  • منذ أكتوبر 2022 ارتفع مؤشر الانقلاب إلى مستويات تاريخية، وهو إشارة قوية لحدوث ركود.
  • كل مرة ينقلب فيها المنحنى في الولايات المتحدة يتبعها ركود يستمر من 6 إلى 18 شهرًا.

2. الاستقرار المصطنع

  • بعد 2008 تغيرت سياسات البنوك المركزية من أدوات خفيفة إلى التيسير الكمي الضخم.
  • ضخ تريليونات الدولارات في الأسواق، وزيادة الإنفاق الحكومي إلى 10‑15% من الناتج المحلي.
  • هذه السياسات أبطأت ظهور الركود لكنها أنشأت ديونًا هائلة.

3. الشركات "الزومبي"

  • شركات لا تستطيع سداد ديونها لكنها تبقى عاملة بفضل القروض المتجددة.
  • آثارها:
  • احتلال الموارد المالية التي كان يمكن توجيهها إلى شركات مبتكرة.
  • تشويه المنافسة وخفض الابتكار.
  • تقليل الإنتاجية الكلية بنحو 0.1% سنويًا لكل نسبة مئوية من رأس المال المحتجز في الزومبي.
  • نسبة الشركات الزومبي ارتفعت من 4% في الثمانينات إلى حوالي 10‑15% اليوم.

4. الدين العالمي المتفجر

  • الدين العام العالمي تجاوز 235% من الناتج المحلي الإجمالي (أكثر من 250 تريليون دولار).
  • الولايات المتحدة: 121% من الناتج، مع توقع وصوله إلى 140%.
  • الصين: ديون خاصة تفوق 206% من الناتج.
  • عبء خدمة الدين يستهلك ما يصل إلى 10% من إيرادات الحكومات، ما يحرمها من الإنفاق على التعليم والصحة.

5. فقاعات الأصول

  • الفوائد القريبة من الصفر أدت إلى تضخم أسعار الأسهم والعقارات.
  • مؤشر CAP (قيمة السوق إلى الأرباح) ارتفع إلى ~40 في 2025، أعلى من المتوسط التاريخي (16‑17).
  • تاريخيًا، الانفجارات الكبيرة (1929, 2000, 2008) تلت ارتفاع المؤشر إلى مستويات مماثلة.

العواقب المتوقعة

  • ركود مؤجل سيظهر في الفترة 2026‑2027، لكنه سيكون أكثر حدة بسبب تراكم الديون والفقاعات.
  • انفجار الفقاعات قد يحدث نتيجة رفع الفائدة أو صدمة اقتصادية صغيرة.
  • تفاقم الشركات الزومبي سيستمر في إبطاء النمو وتدمير الابتكار.
  • فقدان استقلالية البنوك المركزية نتيجة الاعتماد على تمويل الحكومات سيؤدي إلى سياسات نقدية غير فعّالة.

خلاصة

النظام الاقتصادي الحالي يعتمد على استقرار مصطنع تم بناؤه عبر سياسات نقدية ومالية غير مسبوقة، مما خلق ديونًا هائلة وشركات زومبي وفقاعات أصول. وفقًا لنظرية مينسكي، فإن هذا الهدوء الظاهري سيولد عدم استقرار كبير لا مفر منه.

الاستقرار المصطنع لا يدوم؛ فكل فترة هدوء طويلة تخفي بذور أزمة أكبر. لا يمكن تأجيل الركود إلى الأبد، وعند حدوثه سيكون أكثر شدة بسبب الديون المتراكمة والفقاعات المتفجرة، لذا يجب إعادة تقييم السياسات الاقتصادية قبل أن يتحول الهدوء إلى كارثة.